السبت، 3 مارس 2012

حادثة إحتلال الحرم المكي 1979

أظهرت صورة نادرة جدا لعصام البرقاوي الملقب بأبي محمد المقدسي الأب الروحي لزعيم تنظيم القاعدة في العراق الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي بين محتلي الحرم المكي عام 1979 بقيادة جهيمان العتيبي ومدعي المهدوية محمد بن عبدالله القحطاني  ويؤكد بعض الخبراء في شؤون القوى المتطرفة بأن المقدسي هو حلقة وصل بين حركة جهيمان العتيبي والسلفية الجهادية التي برزت بعدها بسنوات.

وهو عصام طاهر البرقاوي العتيبي أو كما يلقب بـ أبو محمد المقدسي أردني من أصل فلسطيني يعتبر من أبرز منظري تيار مايسمى "السلفية الجهادية".. وقامت السلطات الأردنية بسجنه مرات كثيرة بسبب آرائه حيث واعتبر "أستاذ و مرشد الروحي " لأبي مصعب الزرقاوي- زعيم تنظيم القاعدة في العراق الذي قتل في غارة أميركية يونيو 2006 - عندما جمعهما السجن.. ظهر اسمه أول مرة في وسائل الإعلام عندما ظهرت الاعترافات في التليفزيون السعودي وأعلن بعض الشباب الذين قاموا بتفجير العُليا أنهم قابلوه واستفتوه


أقام في الكويت فترة معينة، وانخرط في تيار أهل الحديث الثوريين، أنصار «جهيمان العتيبي» التي احتلت الحرم المكي عام 1979، وكانت هذه الجماعة ناشطة في الكويت، وكان المقدسي ناشطا ضمنها وشارك في عملية إحتلال الحرم واعتقل على إثرها إلا أن السلطات السعودية لم تعدمه مع بقية أنصار جهيمان واختلف المقدسي مع بعض رموز الجماعة خصوصا حينما بالغ في مسألة التكفير، ثم في أعقاب حرب الخليج الثانية، توجه أبو محمد المقدسي إلى أفغانستان باكستان، ثم جاء إلى السعودية لفترة محدودة، وتعرف على من تعرف هناك ثم عاد إلى الأردن، وأسس نواة دعوته الجديدة على الساحة الأردنية.


ولعب المقدسي دورًا كبيرًا في تدشين المنهج "السلفي الجهادي" الذي يقوم على تبنّي تكفير النظم والحكومات والدساتير العربية، ورفض العمل السياسي القانوني (كتابه "ملة إبراهيم وأساليب الطغاة في تمييعها")، واتخاذ مواقف حادة أيضًا من مناهج التربية والتعليم والتدريس (كتابه "إعداد القادة الفوارس في هجر المدارس")، ورفض الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية (كتابه "الديمقراطية دين").


وما هي حادثة إحتلال الحرم المكي؟

حادثة الحرم المكي بدأت أحداثها فجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، حين استولى 200 مسلح (مصادر أخرى تقول 500) على الحرم المكي، في محاولة لقلب نظام الحكم في المملكة العربية السعودية إبان عهد الملك خالد بن عبد العزيز.. هزت العملية العالم الإسلامي برمته، فمن حيث موعدها فقد وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد، ومن حيث عنفها فقد تسببت بسفك للدماء في باحة الحرم المكي، وأودت بحياة الكثير من رجال الأمن السعوديين والمسلحين المتحصنين داخل الحرم.. حركت الحادثة بسرعة مشاعر الكثير من المسلمين بعضهم شجبها وأنكرها ووقف ضدها وآخرون تضامنوا معها.

ساعة الصفربعد صلاة الفجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمر/تشرين الثاني 1979، وقف جهيمان العتيبي وبجانبه محمد عبد الله القحطاني، ليعلن أمام المصلين خروج المهدي، وطلب منهم مبايعة محمد القحطاني باعتباره المهدي المنتظر الواجب اتباعه، وفي هذه الأثناء، قامت مجموعة من الرجال التابعين له "والذين تبين فيما بعد أنهم من 12 دولة مختلفة بينهم أميركيان" باستخراج أسلحة خفيفة من توابيت أدخلت قبل الصلاة باعتبارها تحوي جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، لكنها كانت معبأة بالأسلحة والذخيرة بدل ذلك، وتمكن المسلحون من إغلاق الأبواب وسد منافذ الحرم والتحصن داخله، وتمكن عدد من المصلين الذين كانوا داخل الحرم لتأدية صلاة الفجر من الفرار أما الباقون و"يقدر عددهم بمائة ألف"فيبدو أن الكثير منهم اضطروا بشكل أو بآخر إلى مبايعة محمد عبد الله القحطاني باعتباره المهدي المنتظر.


وعلى الرغم من التخطيط المحكم للعملية، إلا أنها استهلت بمقتل أحد الحراس على يد أحد المسلحين المنفعلين، وهو أمر يمثل خرقاً واضحاً وعظيماً لحرمة البيت الحرام حيث يحرم سفك الدماء.. من المؤكد أن جهيمان ألقى خطبة عبر مآذن الحرم أثناء الحصار، بثتها الإذاعات العربية والعالمية وكانت تحوي على الكثير من الخطب والاتهامات للأسرة الحاكمة السعودية وبعض الاعتراضات على نمط الحياه العامه للناس وكيف إستشرى الفساد وكان صداها يتردد بين جبال مكة وأحياءها في أوقات متفرقة، كما تم توجيه دعوات إلى أهل مكة والقوات السعودية الخاصة التي تحاصر الحرم للتوبة والانضمام إلى المسلحين ومبايعة المهدي.


فيما وجدت الحكومة السعودية نفسها محرجة ومكبلة في مواجهة العملية، وبدت كما لو أنها مصابة بالشلل. وتحدث بعض المحللين بأنها تعاملت مع حادثة الحرم على أنها محاولة انقلابية تستهدف الإطاحة بالنظام السعودي بأسره، الأمر الذي خلق جواً عاماً من الريبة في كل أنحاء المملكة. وكان لا بد قبل الشروع في أي عمل عسكري من استصدار فتوى تبيح التدخل بالقوة وإدخال الأسلحة إلى داخل الحرم المكي لإنهاء الحصار، وتمكنت السلطات، حسب بعض المصادر، من الحصول "على أصوات 32 من كبار العلماء لاستخدام القوة ضد حركة جهيمان.


بعد إصدار فتوى تبيح اقتحام المسجد الحرام بالأسلحة برزت مشكلة أكبر، وهي فشل قوات الحرس الوطني السعودي التي بلغ عددها 10000 عنصر في إنجاز المهمة، وتسببت محاولاتهم ـ المرتجلة على ما يبدو ـ في مقتل 127 شخصاً، دون النجاح في تحقيق الهدف.. فالقوات لم تكن تتعامل مع الحادثة بتخطيط أو دراسة للعملية، ومع مرور الأيام أخذت تصدر عن جثث القتلى المتفرقة في مختلف أركان المكان روائح منفرة زادت من تأزم الأمر.


في العاشرة صباحأً (حسب بعض المصادر) من يوم الثلاثاء 14 محرم 1400 هـ الموافق 4 ديسمبر/كانون الأول 1979 وبعد انقضاء أسبوعين على الحصار، بدأ الهجوم واستمر حتى حلول المساء حيث تمكنت قوة مشتركة فرنسية ـ سعودية من الاستيلاء على الموقع وتحرير الرهائن في معركة تركت وراءها نحو 250 قتيلاً وقرابة 600 جريح. اختلفت الأرقام كثيراً، حتى تلك الآتية من مصادر رسمية، في حين أشارت تقارير أخرى إلى استخدام غازات تسببت بشلل المسلحين، وهو الأمر الأرجح، ثم تم اقتحام البوابات بعد تفجيرها.


يذكر أن بعض المصادر حصرت الدور الذي لعبته القوات الفرنسية بالدعم الاستشاري فحسب ويذكر في هذا السياق اسم الكابتن بول باريل على أنه قائد أو مدير أو استشاري عملية الاقتحام والتي خططت ونفذت عملية ضخ المياه وصعقها وقد فشلت هذه العملية وكذلك محاولة التسميم بالغاز وقد فشلت أيضاً ويبقى عدد القوات الفرنسية المشاركة مفتوحاً ما بين 30 و 40 عنصراً.


أسر من تبقى على قيد الحياة ومن بينهم جهيمان العتيبي، في حين كان محمد بن عبد الله القحطاني بين القتلى ونفذ في الناجين حكم الإعدام في 9 يناير/كانون الثاني 1980 بعد أن قسموا إلى أربع مجموعات أعدم أفرادها في ساحات أربع مدن رئيسية في البلاد.


زعمت بعض المصادر وجود صلات لعائلة بن لادن في الحادثة، وقد تناقلت الألسن أن أخاً غير شقيق لأسامة بن لادن يدعى (محروس بن لادن) اعتقل على إثر الحادثة بتهمة التعاطف مع الحركة (مصادر أخرى تقول بأنه شارك في العملية)، لكنه برئ وأطلق سراحه في ما بعد وذكرت بعض التحاليل أن محروس ربما كان عميلاً مزدوجاً.


وتؤكد مصادر أخرى أن شركة بن لادن ساعدت الحكومة في عملية المداهمة من خلال تقديم مخططات مفصلة للبناء باعتبارها الشركة التي رعت توسعة المسجد الحرام عام 1973 مما ساعد قوات المداهمة ـ حسب المصادر نفسها ـ على تتبع بعض العناصر المسلحة الذين حاولوا الهروب عبر أقنية المياه، والقيام بضخ المياه في تلك الأقنية لإجبارهم على الخروج منها.


ويذكر أن أسامة بن لادن علق في أحد خطبه على الحادثة بقوله :كان يمكن حل تلك الأزمة بغير قتال، كما اتفق العقلاء في ذلك الحين، وإنما كان الموقف يحتاج إلى بعض الوقت وخاصة أن الموجودين في الحرم بضع عشرات، وأسلحتهم خفيفة، أكثرها بنادق صيد، وذخيرتهم قليلة وهم مُحاصَرون، ولكن عدو الله.. فعل ما لم يفعله الحجاج من قبل، فعاند وخالف الجميع، ودفع بالمجنزرات والمصفحات إلى داخل الحرم، ولا زلتُ أذكرُ أثر المجنزرات على بلاط الحرم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا زال الناس يتذكرون المآذن يكسوها السواد بعد قصفها بالدبابات، إنّا لله وإنا إليه راجعون.


تبين أن جهيمان كان عضواً سابقاً في الحرس الوطني السعودي، وأن بعض عناصر الحرس انضموا إلى "الثوار" وكان لذلك وقع شديد على العائلة الحاكمة باعتبار أن ضباط الحرس الوطني، على خلاف الجيش السعودي النظامي، هم نخبة يتم اختيارها من الطبقات العليا في المجتمع السعودي التي من المفترض أن ولاءها مضمون، وقد تم تأسيسه باعتباره الجيش الخاص بولي العهد السعودي، ليكون صمام الأمان ضد أي انقلاب يمكن لقادة الجيش العادي أن يقوموا به ضد الحكومة ولضمان الولاء الدائم فقد تم انتقاء عناصر هذا الحرس الوطني من القبائل التي عرف عنها ولاؤها التقليدي لآل سعود والعائلة الحاكمة.. وعلى إثر ذلك إضافة إلى الأداء غير المقنع لقوات الحرس الوطني السعودي أثناء الأزمة، تقرر إنشاء قوات الحرس السعودي الخاص.


بعد اقتحام الحرم وانتهاء الحادثة بعشرين يوماً تقريباً، أمر قد يجد البعض له ارتباطاً بالحادثة وعلاقة ما بها لكن المؤكد أن السياسة السعودية استفادت من الهجوم السوفييتي على أفغانستان لتفريغ طاقات التيارات الإسلامية في مواجهة عدو خارجي بعيد، فالتقت مصلحة أمريكا في منع السوفييت من الوصول إلى المياه الدافئة مع مصالح الحكومات العربية في تفريغ طاقات التيارات المتشددة في دول الخليج ومصر وغيرها حيث تم دعمهم وتوفير تذاكر طائرة مخفضة، والسماح للجان التطوع بالعمل وجمع المجاهدين.. فتم تصدير الأزمة بطريقة أو بأخرى نحو أفغانستان التي عادت لتصدرها ثانية بعد عشرين سنة مع هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمر 2001، وتمتد فيما بعد نحو العراق.


كتب ياروسلاف تروفيموف كتاباً بعنوان عنوان (حصار مكة، الانتفاضة المنسية في أقدس الأماكن الإسلامية وولادة القاعدة) اعتمد فيه على مقابلات شخصية، ووثائق كانت محظورة وسرية من وزارة الخارجية الأميركية وغيرها، وخلص المؤلف فيها إلى أن الأسلوب الذي تم التعامل به مع "الحركة الجهيمانية" هو الذي أفضى في نهاية الأمر إلى ولادة القاعدة.



عصام البرقاوي الملقب بأبي محمد المقدسي الأب الروحي لزعيم تنظيم القاعدة في العراق  أبو مصعب الزرقاوي




جهيمان العتيبي




محمد عبد الله القحطاني



 











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق